|
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
تطـــور الهويـــة
الجنسيــة رؤية من منظور الصحة والمرض
د. أسامــة عرفــة
عدد 56
أكتوبر 1993 |
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
ما سأقدمه فيما يلي هو عرض لبعض جوانب من عدد من
الحالات تم اختيارها بذاتها لقناعتي أنها تصلح لبناء نسق افتراضي
عن تصور لمسار نمو التركيب والتوجه الجنسي. الحالة الأولى :(من تاريخ الطب النفسي/ التحليل
النفسي): من مذكرات شريبر:
في فترة الحضانة لنوبة مرضه الثانية حلم مرتين أو ثلاث
مرات بأن اضطرابه العصبي قد عاوده وقد أشقاه ذلك في الحلم
بقدر ما أسعده عند اليقظة إذ تبين أن الأمر لم يكن غير
حلم. هذا أنه ذات صباح بينما كان في حالة بين النوم
واليقظة خطرت له فكرة بأنه في نهاية الأمر لابد أن يكون
جد جديد في الواقع أن يكون إمرأة تعاني فعل الجماع.. بعدها
بفترة يصف لنا خلال فترة مرضه ضمن ما وصفه:
كان يعتقد أنه منوط برسالة لتخليص العالم وليعيد إليه
الفردوس المفقود ولكن ذلك ما كان ليستطيع أن يتحقق ما لم
يتحول أولا من رجل إلى امرأة.
إن أعصاب المريض قد اتخذت إن جاز القول طابع الأعصاب
الأنثوية الشهوية وأسبغت على بدنه طابعا أنثويا إن كان كثيرا
أو قليلا وبصفة خاصة
أسبغت على جلده نعومة مميزة للجنس المؤنث فإذا ما ضغط
بأصابعه ضغطا هينا على أي جزء من بدنه فإنه يستشعر هذه
الأعصاب تحت سطح الجلد كنسيج من الخيوط أو الحبال الدقيقة،
وهى توجد بصفة خاصة في منطقة الصدر في المكان الذي يستقر
فيه الثديان عند المرأة:
وبضغطي على هذا النسيج يكون بوسعي أن أستثير إحساسا
باللذة الشهوية كهذا الذي تستشعره النساء وخاصة إذا ما فكرت
في شيء أنثوي في الوقت نفسه..
لقد غدت عندي عادة شديدة التواتر; أن أرسم لبدني ردفي
امرأة - فليحلله العار من يسيء الظن في ذلك - إلى حد أنني
أفعل ذلك بشكل لا إرادي تقريبا كلما انحنيت للأمام.
وإن لدي من الجسارة
ما يكفي لأن أؤكد بأن أي شخص يتفق له أن يراني أمام
المرآة وقد تعرى الجزء الأعلى من جزعي.. وخاصة إذا ما تعزز
هذا الخداع بشيء من التزين النسائي من جانبي..
سوف يستولي عليه بالتأكيد الانطباع بأنه يرى صدر امرأة
وهو يطالب بإجراء فحص طبي عليه كيما يثبت أن الأعصاب
الشهوية تنتشر في كل بدنه من رأسه إلى قدمه وتلك حالة لا
توجد في اعتقاده إلا في البدن الأنثوي بينما لا توجد الأعصاب
الشهوية عند المذكر على حد علمه إلا في العضو التناسلي وفي
المنطقة المحيطة به مباشرة
واللذة الشهوية التي تزايدت من جراء تراكم هذه الأعصاب في
بدنه هي من الشدة بحيث لا يحتاج الأمر إلا إلى جهد هين
من خياله (وخاصة عندما يكون راقدا في فراشه) كيما يتزود
بإحساس من الراحة الشهوية يتيح له بدرجة كافية من التمييز
(إرتشافة تذوق) للذة الجنسية التي تنعم بها المرأة في
الجماع. الحالة الثانية: (مقتطف من حالة اضطراب بارانوي تحت المزمن لامرأة تبلغ
من العمر 32 عاما متزوجة ولها ولدان حاصلة على تعليم عال
تعمل كمدرسة). اليوم ده كان بالليل كنت نائمة جنب جوزى في السرير
هو كان نايم وأنا كنت لسه ما نمتش لقيت نفسي بأسمع صوت: هي: هو أنا بأسمع صوت هو حد معايا. الصوت: أيوه ماحدش ها يسمعنا ويقول الذهول.. الذهول
(يذكرها بمرحلة انهيار سابقة). هي: إيه ده صوت الدكتور (...) الصوت: لأ مش الدكتور (...) الذهول .. الذهول... مش ها
أجيلك إلا إذا إفتكرتيني. هي: أنت (...) مش عارفه أجيلك تعالى أنت. في ثانيتها ركب جسمي.. ما كنتش مصدقة أي حاجة..
الكوفرته ارتفعت.. جسمي سخن... سبت الأوضة
ورحت أوضة ثانية عشان أبقى على راحتي بقيت حاسة بضم إيده..
حاسة بنفسه.. أنا عارفه ان مافيش راجل دخل الأوضة لكن هو
كان معايا يبقى لازم جه. ما استمتعتش عمري زي ما استمتعت
اليوم ده ولم أحس بلذه وشبع زي ما حسيت اليوم ده.. سابني
رجعت الأوضة نمت نوم عميق. في
الصبح لقيت نفسي مقسومة اثنين نصف جسمي راجل (النصف الشمال)،
نصف جسمي ست. (النصف اليمين): حسيت عضلاتي منتفخة وقوية ومشدودة
ووشى متجمد مش جسمي خالص... النصف الشمال ده راجل بالضبط وكل
ما أمسك حاجة من حاجات جوزي الصوت يقولى ها أطلقك منه..
قعدت بعدها ثلاث أيام مقسومة الشربة الواحدة أحس إنها بتروح
لاثنين، اثنين جسم.. اثنين بطن... دخلت الحمام عشان استحمى بقيت
حاسة أني بأحمى واحد ثاني معايا موجود تحت جلدي لدرجة إني عايزة
أعمل إشاعة عشان أعرف إيه ده. في
مرحلة انهيار سابقة عن هذه الحالة بحوالي عامين، في نوبة
ذهان حادة وصفت المريضة وكانت حاملا وقتها أنها انتابها
إحساس بأنها نامت جنسيا مع كل رجال الأرض وأن حملها هذا
نشأ عن ذلك. الحالة الثالثة:
(مقتطف من حالة لشاب في الثامنة والعشرين من عمره
أعزب حاصل على مؤهل عال ويعمل محاسبا... ولكن هذه الحالة
تمثل مشكلة تشخيصية حيث توقف المريض في حالة بينية لم يتمادى
في المسار الفصامي كما لم يستكمل المسار في اتجاه التحول الجنسي
أو العصاب القهري وبقى في حالة مكافئة لاضطراب الشخصية). -
عدم إحساس بالرجولة حتى
وقت متأخر. - أمارس العادة السرية بطريقة غريبة خاصة
بي... (بضغط العضو للخلف قليلا مع ضغطه بين الفخذين حيث لا
يحدث القذف أو اللذة إلا في هذا الوضع). -
لو حدث انتصاب كامل لا يحدث قذف أو
لذة. -
مراكز اللذة في الأعضاء التناسلية انتقلت
بدل ما تكون في القضيب أصبحت في مؤخرة القضيب والخصيتين. -
صغر الأعضاء التناسلية والخصيتين (لم
يثبت ذلك مع الفحص الطبي) أدى إلى إحساس بعدم القدرة على
الزواج وممارسة الجنس مع النساء. -
أتمنى أن أتخلص من العضو الذكرى
وأحيانا بيجى لي إحساس أن أكون ست عشان أرتاح أهو الواحد
هايتجوز وخلاص.
وكان من الملاحظ في هذه الحالة وجود أعراض اكتئابية
وجسدنة بالإضافة إلى هلاوس شمية (لا ترقى لتشخيص الفصام!!)
وأعراض تشبه الوسواس القهري. الحالة الرابعة: (مقتطف من حالة لرجل يبلغ من العمر 56 عاما يعمل طبيبا)
أنا مرة من المرات قابلت زميلي ده ويومها كنت واخد
حمام وعملت العادة السرية وأنا دائما بقالى فترة لم أمارس
العادة السرية أحاول أتداعي يعني زي ما بيقولوا أسيب نفسي كده
فسبت نفسي وبصيت لقيت شعور داخلي من جنس ده وأنا صاحى مش
نايم لزميلي ده غريب وسبت نفسي أحس بيه بالضبط كده ففوجئت
إن أنا حسيت بجنس يملأ ثلث جسمي الشمال كله بما فيه كتفي
ودراعي بس كانت حاجة صدقوني يعني إن كانوا يحكوا عن جنس من
غير Inhibition يعني عاوز أقول حاجة.. الجنس ده إذا كنا بنحس
بيه في الجنة، النوع ده يبقى الجنة، دي جنة ما فيش كلمة
قدرت توصفها لغاية النهاردة وسبت روحي على الآخر ما همنيش إن
أنا مع راجل، راجل فوقيه راجل جنبي بأبوس فيه ما همنيش..
السعادة كانت أن أنا حسيت إحساس لا عمري حسيته وصدقوني لما
أقول ليوم لما أموت مش هاحسه. الحالة الخامسة: (مقتطف من حالة
لرجل في الــ 25 من عمره
طالب طب متزوج وليس له أولاد وتشخيصه فصام بارانوي).
عند بداية البلوغ كان يتحسس أمه جنسيا بعدها بــ 3 سنوات طغى عليه إحساس ملح ومسيطر بالذنب
صبغ حياته وأرقه بعدها بفترة بدأ المريض يتحول جسمه إلى
جسم أنثوي حيث بدأ يشعر بأن نصف جسمه الشمال أصبح رقيق
الحس ناعم الملمس ذا إحساس أنثوي وأنه كان عندما ينظر
للمرأة يشعر أن لديه ثدي امرأة على الناحية اليسرى من جسمه..
بعدها كانت أحاسيس التحول هذه تشمل جسده ككل بل أصبح يشعر
أن لديه عضوا تناسليا أنثويا مع رغبة جنسية وتلذذ جنسي كأنه
أنثى تمارس الجنس مع الرجل وقد واكب هذه المرحلة ظهور
أعراض ضلالات الاضطهاد لدرجة معوقة لعلاقات المريض بالآخرين.
بعد محاولات العلاج انتقل المريض لمرحلة رابعة أعرب فيها عن
توارى وتضاؤل إحساسه بالتغير الأنثوي لجسده غير أنه أشار إلى
وجود رغبة ملحة في ممارسة مثلية للجنس. الحالة السادسة: هي حالة سيدة تبلغ
من العمر 25 عاما طبيبة
متزوجة تشخيصها بين الفصام البارانوي حينا والهيبيفريني حينا
آخر.
في أثناء نوبة ذهان حادة تتميز بالتناثر الواضح أشارت
المريضة إلى إحساسها بأنها مرغوبة جنسية من رضيعها .. من أبيها
.. من زميلاتها .. من الشباب ... وكانت تلح عليها هذه المشاعر
بشدة لدرجة أنها كانت تتعمد عدم الاقتراب من رضيعها. وقد
أظهرت هذه المريضة نفسها بعد سنة من هذه النوبة اندفاعه
مفاجئة Impulse عبارة عن سلوك جنسي شديد
ومندفع في اتجاه الممارسة الغيرية خارج إطار الزواج يعقبها
أعراض اكتئابية شديدة ومتفاوتة. القراءة والتنظير:
بالنظرة المبدئية إلى النماذج الخمسة الأولى نلاحظ أن
القاسم المشترك بينهم هو ظهور الدلائل على نشاط وحركة الجانب
الآخر من الوجود الجنسي لكل من الذكر والأنثى. والحديث عن
الثنائية الجنسية ليس بالأمر الجديد فقد تداوله فلايس في
خطاباته مع فرويد عن أن أي لقاء بين رجل وامرأة هو في
الحقيقة لقاء بين أربعة، لقاء بين رجل بداخله امرأة وامرأة
بداخلها رجل... كما أشار يونج لقضية الثنائية فيما عرضه
للأنيما والانيموس. anima & animus والممارس لمهنة الطب النفسي
يقابل دائما مظاهر الثنائية الجنسية فيما يعرض له من حالات
الجنسية المثلية والتحول الجنسي وتعدد الشخصيات والذهان البارانوي
والفصام. غير أن ما يهمني
استعراضه هنا ومحاولة طرح علاقاته هو موقع هذه الثنائية
الجنسية في تطور تكوين الهوية الجنسية لدي الذكور والإناث. إن
المفتاح لفهم هيراركية تطور الهوية الجنسية، يبدأ من ملاحظة
الاختلاف في التعبير عن الإشارة للسلوك الجنسي في حالات الذهان
البارانوي بين الذكور والإناث; ذلك أنه من المتواتر أن يشكو
الذكور من التلميح إلى شذوذهم الجنسي، في حين تشكو الإناث
من التلميح إلى سوء سلوكهم أو الإباحية الجنسية تجاه
الرجال.
يذهب هندرسون في تفسير ذلك إلى أن الأساس هو ظهور
الجنس المكبوت إلى الوعي، وأن السبب في الاختلاف أن الجنسية
الغيرية مقبولة ضمنا للرجال، لذا فالمكبوت لديهم هو الجنسية
المثلية في حين أن المكبوت لدي الإناث هو الجنسية الغيرية
ذاتها.
وفي رأيي أن المسألة غير ذلك: ذلك أنه في كلتا الحالتين
سواء الذكور أو الإناث ، تكون الحاجة الأساسية والظاهرة في
كثير من الأحيان هي الاحتياج للعلاقة مع ذكر فتترجم هذه
الحاجة لدي الذكور على أنها نوع من الشذوذ، أما لدي الإناث فهي تظهر على صورة ما
يسمى إباحية جنسية (عدم القدرة على الكف) تجاه الرجال.
وهذا التصور يضعنا أمام نقطة فاصلة في فهم هيراركية
التطور الجنسي ذلك أنه لا يجعل المسألة مجرد تنشيط للرغبة في
الجنسية المثلية كما ذهب فرويد، بل هو تنشيط للجانب الأنثوي
من وجودنا سواء في الذكور أو الإناث - ويفهم من ذلك ضمنا
أن الذهان البارانوي بصفة عامة يكشف ضمن ما يكشف عن هذا
المستوى الأنثوي في التكوين الإنساني ، لكن عند تطبيق هذا الفرض
سوف نقابل مشاكل تفصيلية خاصة في حالة الإناث: إذ لماذا لا
يظهر هذا المستوى الأنثوي إلا في الذهان مع أن الوجود الظاهر
في الحالة العادية أنثوي بالقطع، ثم أين موقع الثنائية الجنسية للإناث ؟؟ يمكننا أن نضع التصور
الهيراركى التالي لنمو وتطور الهوية الجنسية لدى الذكور والإناث. على النحو
التالي: المستوى الأول: اللاتمايز الجنسي
(Undifferentiated Level) ويمثل المرحلة من
التطور قبل أي تمايز لأي اتجاه جنسي. المستوى الثاني: المستوى الأنثوي
الأول (Primary Feminine Level) بمعنى نمو الجانب الأنثوي لدى الذكور والجانب الأنثوي
الأول لدى الإناث. المستوى الثالث: مستوى
الثنائية الجنسية (Bisexual
Level)
ويتميز بنمو الجانب الذكرى الأول لدى الذكور والجانب
الذكرى لدى الإناث. المستوى الرابع: مستوى التميز الجنسي وتحديد الهوية (Dominant
sex Level) وفيه يتم تحديد نوع الجنس السائد لكلا
النوعين، وذلك بنمو الجانب الذكرى الثاني لدى الذكور والجانب
الأنثوي الثاني لدى الإناث (وهذا المستوى الرابع يتسع لاسيتعاب
المستوى الأوديبي -المحارمي- والمستوى الناضج) والرسم التخطيطي التالي
يلخص هذه الفكرة:
هذا التصور السابق يمكن أن يطرح العديد من الأسئلة
والقضايا لكن ما يهمني التركيز عليه الآن في ضوء هذا الفرض
هو أهمية استيعاب فكرة المستوى الأنثوي الأول وملاحظة أن هذا
المستوي بالذات - ربما لأسباب في توازى التطور بين الوظائف والمستويات المختلفة - يتميز
بعلاقة متشابكة مع المستوي الوالدي المتابع .. المراقب...
اللائم.. المانع كما يتضح ذلك خصوصا - كما سبق أن أشرنا- في
العلاقات التركيبية في الذهانات البارانوية.
والنقطة الثانية التي يجدر الإشارة إليها هي فكرة أن
تحديد الهوية تتم وفقا لعملية توازن بين عناصر أو مستويات
نمو مذكره وأخرى مؤنثة وحسب نوع الجنس ينمو أحد جوانبها
بشكل أكثر اضطرارا ليعطى الصورة النهائية للنوع وليحتوي نشاط
الجانب الآخر من الوجود الجنسي. فإذا ما حاولنا اختبار هذا
النسق من خلال النماذج التي
عرضناها سنجد ما يلي: أولا عن المستوى الأنثوي
الأول: * نرى التعبير عنه بوضوح
شديد في حالة شريبر في وصفه للتحول إلى امرأة وكذلك في
الحالة الخامسة (في مرحلته الثالثة): التحول بكل الجسد إلى
الإحساس الأنثوي مع الإحساس بتكون عضو جنسي أنثوي. * وإذا ما رجعنا إلى الحالة
الثانية في حالة الانهيار الأول، ووصف السيدة لإحساسها بأنها
نامت مع كل رجال الأرض،
يظهر لدينا مدي البدائية والقوة لهذا المستوي النشط
(مقارنة مثلا بالمستوي الأنثوي الثاني الهادئ والناضج لدى الإناث الذي
يخضع لعوامل التربية والعرف الاجتماعي...إلخ). * وأغلب الظن أن نشاط
هذا المستوي البدائي هو من العناصر الجوهرية في الذهان
البارانوي. وإذا تخيلنا معا محاولة إضافة طبقة من الدفاعات على
هذا الجوهر المتمثل في تحول الجسد المذكر إلى جسد مؤنث وفي
نوم هذه السيدة مع كل رجال الأرض لكانت الصورة الإكلينيكية
أقرب ما تكون على النحو التالي: في الذكور تتوارى أحاسيس
التحول إلى أنثى ويحل محلها الإحساس بإشارة الآخرين إلى شذوذه الجنسي
وفي الإناث يتوارى الإحساس بالنوم مع كل رجال الأرض ويظهر
الإحساس بتلميحات الآخرين إلى سوء سلوك المرأة وإباحيتها
الجنسية تجاه الرجال. ثانيا عن مستوى
الثنائية الجنسية: ظهر في الحالة الثانية (خلال تحول الأيام الثلاثة): من
خلال الشعور بمسألة نصف الجسم امرأة ونصف الجسم رجل. وفي الحالة الثالثة: ظهر في
صورة حل وسط بين الذكورة والأنوثة: * مع الانتصاب الكلى لا يحدث قذف. * تحدث اللذة مع توجيه العضو تجاه المؤخرة. * انتقال مراكز اللذة من طرف القضيب إلى منطقة وسط
بين الطرف والمنطقة الأنثوية (نهاية القضيب والخصيتين). وفي الحالة الرابعة: ظهر في
شكل الشعور بلذة الجنس أثناء تخيل خبرة مثلية في نصف
الجسم. وفي الحالة الخامسة: في
مرحلته الثانية: ظهر في تحول نصف الجسم إلى الإحساس الأنثوي. توضح هذه الأمثلة الأربعة
النشاط المتلازم لجاني الوجود الجنسي لدرجة اقتسام احتلال الجسد
وتقاسم مناطق الشعور باللذة، الأمر الذي يجسد بجلاء متحد مستوى
الثنائية الجنسية ويلاحظ في هذا المستوى أمران: الأول: توارى ضلالات الاضطهاد
أو المنظومات الضلالية مقارنة بها في المستوى الأنثوي الأول. الثاني: أنه في الحالة الثاني والرابع والخامس
نجد أن النشاط الخاص بالجانب الآخر للوجود الجنسي يظهر على
جانب الجسد التابع للنصف المتنحى للمخ، فيظهر الرجل في الحالة
الثانية في النصف الأيسر للمرأة وتظهر المرأة في الحالة
الخامسة في النصف الأيسر للرجل، ويشعر الرجل بالجنس أثناء
الأخيولة المثلية في نصفه الأيسر ، وهو أمر جدير بالملاحظة
والتأمل.
قبل الانتقال إلى المستوى التالي من تطور الفرض لابد لنا من وقفة لتوضيح
أن موقع الجنسية المثلية (وليس ضلالات الجنسية المثلية) لا ينتمي
إلى المستوى الأنثوي الأول بل إلى مستوى الثنائية الجنسية، وهذا
يجرنا في الواقع إلى استيعاب أن الجنسية المثلية ما هي إلا
شكل محور من الثنائية الجنسية وأنه أثناء ممارسته الجنسية
المثلية إنما يقوم الفرد بممارسة كليته الجنسية جميعها أي
ثنائيته الجنسية. كما أنه على سبيل التذكر فإن الذكر الموجب
في الجنسية المثلية إنما يمارس ذكورته مع ذكر أي يمارس
ذكورته وأنوثته، والذكر السالب إنما يمارس أنوثته مع ذكر
يمارس ذكورته مع ذكر أي يمارس أنوثته وذكورته. ثالثا: المستوى الأوديبي (مستوى
علاقات المحارم)
مع الانتقال تركيبيا من المستوى الأنثوي الأول إلى
الثنائية الجنسية ثم إلى مستوى الجنس السائد نرى أن المستوى
السائد - تركيبيا - والذي يمثل تمام النمو الجنسي يتسع في
داخله ليشمل ديناميات نمو فيما يتصل بالموضوع الجنسي غاية في
الأهمية، والفضل هنا لابد أن يرجع إلى فرويد فيما وصفه عن
الموقف الأوديبي -إذ نلحظ
إشارة واضحة إلى ذلك في الحالة الخامسة في مرحلته الأولى إذ
يصف التلامس الجنسي مع الأم خلال فترة البلوغ والذنب المصاحب
لذلك - غير أن ما يجب الإشارة إليه هنا هو أن الملاحظات
الإكلينيكية تفرض علينا الاتساع لاحتواء ما هو أبعد من
الموقف الأوديبي، ذلك أننا نرى أيضا الموقف الأوديبي العكسي
متمثلا في رغبة الأم في ابنها ورغبة الأب في ابنته وموازيا
لها علاقة الأخ بالأخت.. لذا أفضل أن نشير هنا إلى تعبير علاقات
المحارم وهو التعبير الأقرب إلى
فكرة المستوى المحارمى كمرحلة أولى في ديناميات تطور الموضوع
الجنسي من خلال التميز الجنسي. بالنظر إلى المستويات الثلاثة السابقة إجمالا يجب أن نلاحظ
مسألتين: الأولى: أن
الحالة الخامسة بالذات تمتاز بثرائها في وصفها للمستويات
الأساسية بل الانتقال بينها في تدرج مثير: من الموقف الأوديبي
إلى الازدواجية (نصف جسم امرأة) ثم إلى المستوى الأنثوي الأول
(كل الجسم امرأة) ثم العودة مرة أخرى إلى الازدواجية (تلاشى
الإحساس الأنثوي للجسد مع الرغبة في الجنسية المثلية). مع
تكرار التنقل وتداخل المستويات أحيانا. الثانية: إن نمو وتطور هذه
المراحل الثلاث إنما يتم على محاور ثلاثة: المحور الأول: محور ما قبل انبعاث النشاط الجنسي Presexual
phase. ويتم فيه تمييز هذه المراحل. المحور الثاني: محور ما
بعد انبعاث النشاط الجنسي Sexual phase ويتم فيه الحركة بالمحتوي الجنسي Sexualization (الجنسنة). المحور الثالث: ما يمكن أن يطلق عليه النمو
المتوازي. ذلك أنه بعد تميز النمو
إلى مراحله الثلاث طبقا للهيراركيه المقترحة، تستمر هذه المستويات
الثلاثة في النمو المتلازم والمتزامن وفي إطار الهارمونية
الهيراركية المشار إليها. رابعا:
إن الحالة السادسة تنفرد بطرح مستوى من النشاط الجنسي الذي
يمكن وصفه بالجنس الكلى Pan sex. إذ يطرح مستوى من
الجنس عام ومتفش يجعلنا نتصور أن المستوى النشط في هذه
الحالة ليس أيا من المستويات السابقة بل إن المتفجر هنا
هو الجنس ذاته Raw
sex
أي الجنس الطاقة/المصدر: قبل أن تتشكل في أي مستوى من مستويات
التطور السالف الأمر الذي يجعلني أضيف احتمال وجود هذا المستوى
إلى الهيراركية; السابقة ليصبح على النحو التالي:
إن كل مستوى من
هذه المستويات يحتاج لشرح ودراسة متعمقة وواقية تخرج عن
حدود هذه المقالة الابتدائية والتي تهدف بشكل مبدئي إلى طرح
إطار هذه الهيراركية. غير أنه من المهم أن نشير إجمالا إلى الهيراركية
الباثولوجية الموازية لهيراركية النمو هذه: نجد أنه إذا ما اتجهنا في عكس مسار النمو لنرى
الاحتمالات الباثولوجية عند كل مرحلة سنجدها أقرب إلى التالي: 1-
المرحلة الأوديبية (مستوى
المحارم): تقابلنا هنا حالات علاقات المحارم - المشاكل المرتبطة
بقضايا العلاقة بالآخر كما تظهر أيضا خلال التعرية التي
يحدثها مسار العملية الفصامية. 2-
مستوى الثنائية الجنسية: هنا تقابلنا مشاكل التحول
الجنسي والجنسية المثلية والازدواجية الجنسية وظواهر المخاوي
والانشقاقات الهيستيرية وبعض حالات البارانويا التخيلية المزمنة
وكذلك في مسار العملية الفصامية. 3-
المستوى الأنثوي الأولي: هنا كما سبق الذكر منطقة الذهانات البارانوية وكذا
العملية الفصامية. 4-
مستوى الجنس الطاقة
المصدر: يتبدى خلال المسار الفصامي وكذا في نوبات الذهان الاندفاعي Impulsive
Psychosis ومن الملاحظ أن الفصام يمكن أن
يظهر كل مستويات النمو هذه ويدخل في التشخيص التفريقى مع
بقية الاحتمالات الباثولوجية المرتبطة بكل مرحلة من مراحل
النمو المذكورة.
إن ما سبق ليس إلا افتراضا نظريا يحاول أن ينظم
المعطيات الإكلينيكية، وهو في رأيي يطرح العديد من الأسئلة
والاحتمالات، إذ يغامر في جانب ويعيد الصياغة في آخر، آملا
أن يكون فاتحة لحوار يرفضه أو يقبله أو يصححه أو يثريه،
بما يضيف ويعـدل. |
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
Document Code VP.0057 |
ترميز المستند VP.0057 |
Copyright
©2004 WebPsySoft ArabCompany، www.arabpsynet.com
(All Rights Reserved) |